القائمة الرئيسية

الصفحات

الجهوية المتقدمة رهانات و تحديات في تحقيق التنمية المجالية

الجهوية المتقدمة رهانات و تحديات في تحقيق التنمية المجالية

المبحث الأول :اللامركزية و دورها في الجهوية المتقدمة بالمغرب

المطلب الأول : تعريف الجهوية و أهم  مرتكزاتها

 إنطلاقا من الفقرة الأخيرة من الفصل الأول من الدستور على كون " التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة , تعد سياسة تهدف إلى نقل بعض الامتيازات أو الاختصاصات من السلطة المركزية إلى مختلف الجهات، فهي مسلسل تأطير المجال مؤسساتيا .

 فالجهوية المتقدمة تغيير في التنظيم الهيكلي للدولة الدي ما فتئ يدكر في الخطابات المتوالية لجلالة الملك محمد السادس و علاقات المركز بالجماعات الترابية حيث يمثل انطاق مسلسل الجهويّة المتقدِّمة مُنْعطفا هاما في المسار السياسي والديمقراطي والتنموي بالمغرب وقد رأى هذا الإصلاح المؤسساتيّ التّرابيّ النور بفضل الإرادةِ الرّاسخة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والانخراط السياسي الشعبي الواسع تكرسهما الوثيقة الدستورية ليوليو 2011.

ويسْتمدّ هذا المشروع خصوصيته  من كونه يروم في الآن نفسه تحقيق هدف توسيع حقل الديمقراطية وجعلها رافعةً للتّنْمية الاقتصاديّة والبشريّة المُنْدمجة والمُستدامة، بغاية الحدِّ من الفوراق، وصيانةِ كرامةِ المواطنين، والنُّهوض بدينامية النمو وبتوزيع منصف لثِمارِه. وقد اختار المغرب منذ الاستقلال الديمقراطية التمثيلية التعددية واللامركزية كخيارين استراتيجيين لا رجعة فيهما و لنجاح هدا المشروع لابد من التعبئة البشرية و فتح أفاق أمام المواطنين و المواطنات المؤهلين و المتمتعين بروح المسؤولية و النزاهة ,و كدلك لتحقيق التنمية البشرية برفع كل التحديات أمام حكامة عادلة كفيلة بالتصدي للعجز الحاصل خصوصا على المجال القروي .

المطلب التاني : التصور الجديد للامركزية بالمغرب

أصبحت الجهة في المغرب مطالبة من أي وقت مضى بأن تساهم في النمو الاقتصادي وفي تنسيق مختلف تدخلات الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين على المستوى الجهوي والمحلي واستنادا على قانون الجهات الأخير 96- 47 نجد المادة الأولى منه، تعتبر الجهات جماعات محلية تتمتع    بالشخصية المعنوية  و الاستقلال المالي، تساهم إلى الجانب الدولة والجماعات المحلية الأخرى في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الشاهد فالجهة خرجت من النفق الاستشاري، ورتفت إلى مستوى جماعة محلية، وحلقة من حلقات اللامركزية، التي أصبحت حقيقة لا تجادل .

وتكمن أهمية اللامركزية في كونها وسيلة تمكن المواطنين من المساهمة في اتخاذ القرار وفي تسيير حياتهم العامة، انطلاقا من مجموعة من المبادئ المتعددة كالديمقراطية، وحقوق المواطنين، وفعالية التسيير وغير ذلك من متطلبات المجتمع، نظرا لعجز الدولة عن التواجد في كل مكان وكل وقت. 


تحديات في تحقيق التنمية المجالية

شهد تنظيم  اللامركزي تطورا نوعيا على قدر كبير من الأهمية تمثل في صدور القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.

ولتحقيق هاته الغاية، أصبح ضروريا مراجعة المقتضيات الحالية المعمول بها في مجال اللاتمركز الإداري والإنخراط في إعداد منهجية واضحة لكافة القطاعات الوزارية لتنفيذ لاتمركز حقيقي قوامه الفعالية والنجاعة، ويسمح بتحقيق التغيير المنشود في إطار سياسة إرادية شمولية ومنسجمة.

وفي هذا الإطار، انكبت الحكومة على إعداد تصور جديد للإدارة اللاممركزة يتوخى الإستجابة للأهداف التالية:

أ‌- تمتين فاعلية الإدارة اللاممركزة عبر تحسين علاقة الإدارة بالمواطنين (علاقة الإدارة – المواطنين(

ب‌- المساعدة وتقديم الدعم والإستشارة للمنتخبين  (علاقة الإدارة – المنتخبين(

ج‌- بناء سياسات عمومية مندمجة وفعالة تحقق التقائية السياسات العمومية  (علاقة الإدارة -الإدارة).

المبحث التاني : الأدوار الجديدة للجهوية المتقدمة في تدبير الإدارة الترابية

المطلب الأول : تقوية دور الولاة والعمال في مجال اللاتركيز

إن وظيفة رجل السلطة لا تقتصر على تمثيل الدولة في الجماعة التي يتواجد بها بل له من الاختصاصات ما يجعله بحق احد الفاعلين الأساسيين في المجال الاقتصادي ويتبين ذلك من خلال مشاركته في جل القرارات ذات الطبيعة الاقتصادية المتخذة على المستوى المحلى.

يتوفر الوالي أو العامل على اختصاصات متنوعة وكثيرة يستمد مشروعيتها من الإطار الدستوري الذي يخول لهم صفة ممثل الدولة في الجهات والعمالات والأقاليم.

وبذلك أصبحت لهم وظائف تامين تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية ويقوم الولاة والعمال تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها.

المطلب التاني : المستجدات الدستورية الجديدة

حدد الفصل 115 كون "الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات". وعلى أن "الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام، وتسير شؤونها بطريقة ديمقراطية." وأقر الفصل 122 بالاختصاصات الممنوحة للجهات، وحصرها في اختصاصات ذاتية وأخرى مشتركة مع الدولة، واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة، وبين بأن طريقة التوزيع ستكون بناءً على مبدأ التفريع.

فمبدأ التفريع يعد من الوسائل الحديثة المتبعة في الأنظمة اللامركزية، وهو مبدأ يقوم على التوزيع الاختصاصات ، أي ما يستطيع الأدنى القيام ل يترفع عنه الأعلى وما يعجز عنه الأدنى يتولاه الأعلى . وبذلك فيصبح الإقليم اتباعاً لمبدأ التفريع يقوم بما لا يمكن للجماعة أن تقوم ل، والجهة تتكفل بما لا يمكن إسناده للجهاز الترابية أن تقوم ل، والدولة تمارس الاختصاصات التي لا يمكن إسنادها للجماعات الترابية ، أي سيتم تشييد الدولة من القاعدة للقمة، ولا يمكن أن تتدخل في المستقبل إلا على أساس التعويض، أو التصحيح بإخلاص، أو التقوية في حالة العجز لدى الجماعات الترابية.

و عمليا بهذا المبدأ تصبح الواجبات موزعة حسب كل مستوى قادر على العمل كما يجبر الجماعات الأدنى كلما أبانت عن المقدرة والاستعداد اللازمين وقد نص الدستور أيضا على مبدأ التدبير الحر في ممارسة الصلاحيات، فقد حدد الفصل 111 على أنه" يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون وول مارتينز ، ويؤمن مشاركة السكان المعنين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة و المستدامة."   وعليه تحول ولاة الجهات وعمال الأقاليم إجراءات من وضع منفذي المقررات الجماعية في أمر 1991 إلى هيئات لمساعدة رؤساء المجالس الجهوية في تنفيذ البرامج، ولا يمارسون مهمة التنسيق إلا بين أنشطة المصالح اللاممركزة. في حين أصبح رئيس المجلس الجهوي هو الآمر بالصرف والموقف عن ميزانيته والمنفذ لمداولات والتنظيم مجلسه.

المبحث الثالث : الجهوية المتقدمة و تنمية المجال

المطلب الأول : الجهوية المتقدمة و رهانات تحقيق التنمية و الحكامة الجيدة على ضوء تقرير اللجنة الاستشارية

يمثل إعداد برنامج التنمية الجهوية مرحلة أساسية في عملية ممارسة الجهة لاختصاصاتها. ومن أجل

الإطلاع بهذه المهمة على أحسن وجه، من الضروري إنجاز تشخبص مسبق في شكل تحليل يركز على نقاط القوة ونقاط الضعف وفرفرص والمخاطر المرتبطة بالجهة، مع الثقة مقاربة تشاركية من أجل وضع رؤية استراتيجية واستباقية مشتركة للجهة .

إن من بين الرهانات التي يرجى من الجهوية تحقيقها هي تحقيق تنمية مجالية ترعى حقوق الساكنة و ترتقي بالمجال لمكانة هامة كدعامة أساسية لنموه لدى فان من أهم النقاط التي ستعمل عليها الجهوية انطلاقا مما حدده المجلس الاستشاري للجهوية في تحديد مكتب النقدية للأخه الاجتماعي للجهات بحث يهدف هذا التأهيل، الذي تندرج فيه البرامج المعتمدة من قبل القطاعات الوزارية، إلى الإسراع بسد مظاهر العجز الكبرى في الجوانب المرتبطة مباشرة بالتنمية البشرية، والتي تتقاطع بشكل واسع مع مجالات تعيين الجهات حسبما جاء في هذا الإصلاح، ويتعلق الأمر بما يلي:

- تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب وبالكهرباء.

- ومحو مدن الصفيح والسكن غير اللائق؛

- الارتقاء بالجهات، من حيث الصحة والتربية وشبكة الطرق، إلى المعدل الوطني ( أو إلى مستوى

المعايير الوطنية للإتصال.

أما فيما يخص الدور الذي ستلعبه سياسة الجهوية المتقدمة في تفعيل الحكامة جيدة ، فمما لا شك فيه

على ان أول ما تتأتى ل الحكامة الجيدة على مستوى الجهة أن تتعزز القدرات التنفيذية والتدبيرية

للجهاز الترابية . لذلك يُقترح تمكين المجلس الجهوي من وكالة تكون تحت مراقبته، كفيلة بإمداده

بالدراسات التقنية وبإنجاز مشاريع الاستثمار الجهوية .

المطلب التاني : الجهوية و إكراهات التفعيل

يعتبر مشروع الجهوية المتقدمة نمط من تخيل المجتمع للكيفية التي يرها لتدبير وتسير شؤونه والنهوض بتنمية مجاله، ومما لا شك فيه فان المغرب أصبح مقتنعا بضرورة السير في تفعيل هذا الورش الكبير والذي يعطي للجهة الاليات والوسائل التي تساعدها على انعاش و تنمية مجالها.

فبالرغم من كل هذا، يبقى تفعيل مشروع الجهوية بالمغرب يتخللها مجموعة من العوائق التي تقف عائقا

وتحد من مدى فعالية الجهوية .

فمن بين المعيقات التي تحول دون تفعيل ورش الجهوية بالمغرب :

·        على المستوى القانوني :

ضعف الإطار القانوني حيث ان ظهير 1971 اعتمد فقط على تقسيم ترابي لم يراعي مجموعة من

الاعتبارات وركز على الاقليم كوحدة يراهن عليه لتحقيق التنمية الا ان هدا التقسيم وضع فقط غايته الضبط الاداري اكتر مما يسعى لخلق التنمية ويرجع ذلك لخصوصية الظرفية التي كان المغرب يعيشها انداك .

فمن بين الأسباب التي تحول دون التسريع بتفعيل الجهوية هو هذا الغياب للقانون الذي سينظم التصور

الجديد للنموذج المغربي للجهوية كما تم الإشارة لها في تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية.

·        على المستوى السياسي : 

هناك عدة اشكالات مرتبطة بنظام انتاج النخب المحلية هدا المعطى يشكل أحد المعوقات الاساسية

لتطور ديمقراطي حقيقي للمِؤسسات. حيث يبقى الاقتصاد الوطني يشكو من الريع و المضاربة في

وقت يتقوى موقع لوبيات الفساد داخل المؤسسات السياسية التي يتم تطويرها و تسخيرها لحماية

المصالح الشخصية اللوبيات المحلية .

ويتم ذلك عبر الخلط والمزج بين السلطتين الاقتصادية والسياسية ما يساهم ويساعد على خلق الثروات

الغير المشروعة و الغير القانونية حيث اصبح الوصول الى المواقع السياسية نتاج لمعاملات مادية و

انتهازية و المحسوبية و الزبونية و ليس نتاجا للاستحقاق .

هذا ما يؤثر بشكل كبير على البناء المؤسساتي واضعاف بنياتها عن طريق سلوك النخب من نهب

للمال العام على كل المستويات التمثيلية محلية كانت او جهوية او وطنية .كذلك هناك اختلالات اخرى

مرتبطة بالمواطن من خلال غياب الوعي السياسي ما يتجلى في عدم انعدام المراقبة الفعلية عن طريق

المجتمع المدني والراي العام باعتماد على الالية العقابية المتمثلة في عدم اعادة التصويت على نفس

النخب في الانتخابات.

خاتمة

تعتبر الجهوية المتقدمة بالمغرب ورشا كبيرا ومفتوحا وخيارا من الاختيارات الوطنية الكبرى التي

أعطاها المغرب اهتماما متزايدا منذ فجر الاستقلال، والتي كانت تشكل خارطة طريق ملكية من خلال

تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية، والتي دعا فيها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للابتعاد قدر

الامكان عن الاستنساخ الشكلي للتجارب الجهوية المقارنة، بل للعمل من أجل تبني نموذج جهوي

مغربي-مغربي.

كما أن الجهوية بالمغرب تهدف بالأساس لترسيخ مبدا الحكامة الجيدة وتعزيز القرب من المواطنين

ثم تفعيل التنمية الجهوية المندمجة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ويبقى الاشكال المطروح حول موضوع الجهوية بالمغرب، هو العلاقة بين خارطة الطريق التي

ستتبعها الدولة كنموذج مغربي للجهوية، وبطبيعة النخب المحلية السياسية والتقنية، ومدى مواكبتها

لهذا المشروع، وكذلك دور المجتمع المدني  وتصوره ومسؤولياته في هذا الورش الوطني .

 ملف لتحميل : 👇👌

 الجهوية المتقدمة رهانات و تحديات في تحقيق التنمية المجالية .


كلمة شكر تكفي  . 👍


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع